يتمتع رداد السلامي بموهبة ادبية ذكية مكنته من صياغة سيرته الذاتية بعذوبة كما يجيد فن حياكة الكلمات بإتقان وربطها بتواثب ،ينقش روحه نقشا محترفا ويصيغ تجربته بفنية ادبية رفيعة فهو يقدم تجربة إنسانية استطاعت بلورة موقفا واضحا من الحياة والقوى المختلفة فيها وفق ادراك ذكي للمصير ايضا اذا لا يمكن تجريد الكاتب من تجربته وفصله عن الحقيقة الإيمانية التي يراها والتي توصل اليها كخلاصة وعي وادراك على ضوء ذلك، قرأت الكتاب كان جميلا وهو فعلا ضوء شق الظلمة وواجه عتمة الحياة بنهر من الأمل المتدفق ، فرداد لم ييأس رغم كونه ولد في ظل ظروف عصيبة في الثمانينيات من القرن الماضي "كما يحكي " ظروف تقهر رغبة الانسان في ان يصبح افضل ويتمكن من الوصول الى تحقيق وجوده بشكل واع ، فالحرب تقتل حوافز الطموح وتثقل كاهل الشعوب فتحصرها في مطلب الأمن والبقاء والخبز ، وتنشيء ذاكرة مجروحة ينزف منها الدم ، والياس، الكتابة طريقة للحياة وإفراغ الذاكرة من دفائنها الشائكة الموجعة ولهذا مارس رداد الكتابة كأسلوب مواجهة يتغلب من خلاله على بؤس واقعه وماضيه ويعيد صياغة المستقبل كحلم وأمنية يمكن للكلمة ان تسهم في تحويلها الى واقع عبر بناء الوعي الذي يمنح الشعوب فرص التحرر والنهضة وبناء واقعها وفقا لوعيها بذاتها وحقها في الحياة الكريمة تقول سيمون دى بوفوار" إن الرواية الفلسفية إذا ماقرئت بشرف، وكتبت بشرف، أتت بكشف للوجود لا يمكن لأى نمط آخر في التعبير أن يكون معادلاً له. إنها وحدها التى تنجح فى إحياء ذلك المصير الذى هو مصيرنا، والمدون في الزمن والأبدية فى آن واحد، بكل ما فيه من وحدة حية وتناقض جوهرى" لقد صاغ رداد سيرته بأسلوب ادبي شيق فالأدب هو الأسبق دائماً في النظرة، فى محاولة استشراف آفاق المستقبل. إنه يسبق فى ذلك حتى العلم نفسه، وكما يقول كافكا : فإن رسالة الكاتب هى أن يحول كل ما هو معزول ومحكوم عليه بالموت إلى حياة لا نهائية، أن يحول ما هو مجرد مصادفة إلى ماهو متفق مع القانون العام. إن رسالة الكاتب نبوية" كانت القيمة الأهم لإبداعات تولستوى هى الترديد المستمر للأفكار العامة، للنظرة الشاملة، لفلسفة الحياة، فى مجموع تلك الأعمال. وكان ذلك هو الذى أعطى أعمال تولستوى . كما يقول أدينكوف. تكاملاً وتماسكاً داخلياً، وعلى. حد تعبير تولستوى، فإن الكاتب الذى لا يمتلك نظرة واضحةمحددة وجديدة للعالم، ويعتقد أن ذلك بلا ضرورة، لن يستطيع تقديم عمل فنى حقيقى. وإذا كان الموت هو المصير الإنسانى، فإن العمل هو سلاح الإنسان ضد الموت " بالعمل وحده سيبزغ الفجر، ولو في القبر".